الاثنين، 18 مارس 2013

الجماعة الاحمدية القاديانية… طابور خامس يعود من جديد

كتـب المقال يزيد حمزاوي   

 انسلت الديانة الأحمدية القاديانية إلى دار الإسلام والى بيوت المسلمين عبر قنوات فضائية، خصوصا قناة MTAالعربية، التي يلتقطها العالم العربي بسهولة على القمر الصناعي العربي نورسات، ولقد بدأت بالفعل سموم هذه القناة تُؤِتي مفعولها، إذ بدأ بعض الغافلين والجاهلين بحقيقة هذه القناة السامة، يتحدثون بإعجاب عن برامجها، التي وصفها بعض هؤلاء بالجرأة وأخرون بالشيقة وأخرون بالأصالة في الطرح… بل ذهبت ثلة من هؤلاء إلى الزعم بأن القناة كرست نفسها لحماية بيضة المسلمين، والذود عن حياض الإسلام، والوقوف أمام هجمات المغرضين من أعداء الدين، لاسيما النصارى.
إن هذا المسلك الذي تسلكه القناة في الولوج في المناظرات مع النصارى والمنصرين، هو نفسه المسلك الذي تبناه مؤسس هذه الديانة، الغلام ميرزا أحمد، مهدي الأحمدية ومسيح القاديانيين في بدايات دعوته، حيث أنه اشتهر بكثرة المناظرات والخصومات إلى حد الإسفاف واستخدام البذاءة مع المنصرين في الهند، ولقد ذاع صيته في هذا المجال حتى اُعجب به العوام وفُتنت به الجماهير، خصوصا أنه في تلك المرحلة لم يكن بعد قد ادعى المهدية أو المسيحية أو النبوة، مما سهل تأثر الناس به كشخصية إسلامية دعوية، لكنه بعد أن استتب له الأمر وجمع حوله رعاع الناس، بدأ شيئا فشيئا ينشر بينهم الأفكار الهدامة، فإذا لم يجد معارضة استمر في سبيله الهدام، وإذا وجد مواجهة في موضوع ما ادعى عكسه، وتذرع بأنه لم يُفهم، واستمر على هذا المنوال النفاقي المراوغ، يخشى على دعوته من علماء الهند من أهل السنة، الذين كانوا له بالمرصاد، ولم يستطع البوح بدينه السام إلا بعدما احتضنه الإنجليز وأوفدوا له من الشرطة من يحميه في حله وترحاله، فكثر أتباعه، واستقوى بالغازي المستعمر وبالمغترين من تلاميذه الأوفياء، الذين اشترى ولاءهم بالمال والامتيازات من أموال المتبرعين المساكين، التي كان يجمعها لغرض الرد على الصليبين، فإذا به يتحالف مع أولئك الصليبيين ضد أولئك المتبرعين المساكين، ليقضي على عقيدتهم الإسلامية بعدما قضى المستعمر على حريتهم.
ولقد تتبعتُ تصريحات وكلمات مقدمي برامج القناة التلفزيونية السامة للأحمدية، فوجدتها لا تخرج عن خط مسيحها المنتظر، من حيث إبراز القاديانية كجماعة إسلامية مسالمة وحمامة سلام تنشد التآلف مع الجميع، ولا تبغي الحرب أو الجهاد ضد غير المسلمين، الذين تجتنب وصفهم حتى بالكفر، وفي نفس الوقت تلمز جميع الجماعات الإسلامية السنية، كونها تدعو إلى العنف!، ولقد وصل بالقناة أثناء مناقشة أبواب الجهاد والقتال في القرآن والسنة، ردا على شبهات النصارى، إلى تحريف معاني الآيات والأحاديث وتأويلها تأويلات لم يقل بها أحد من العالمين، فضلا عن أحد من المفسرين أو المحدثين.
ولا تعتقد في الجهاد تشريعا صالحا لكل زمان ومكان، بل تزعم أنه حكم نُسخ بنزول المسيح الميرزا أحمد، لذا فالقناة لا ترى الجهاد في أفغانستان أو العراق أو فلسطين أو في أي أرض من أراضي دار الإسلام، فلا عجب إذن أن تفتح الأنظمة الغربية المستعمرة ذراعيها لأتباع هذه الديانة، وتفسح لها المجال لتسرح وتمرح حيث تشاء وكيف تشاء، في أوروبا والأمريكيتين واستراليا وأفريقيا وداخل الكيان الصهيوني.
فما هو سر القاديانيين مع الجهاد؟
وما هو موقفهم من المستعمر الكافر؟
وكيف بدأ الغرام بين حمامة السلام الغلام القادياني والإنجليز؟
تعود العلاقة بينهما إلى العلاقة ما بين الإنجليز المستعمرين وأسرة غلام ميرزا، فقد كانت تلك الأسرة غنية جدا، وبعد أن استولت السلطة القائمة على ممتلكات الأسرة أعادت بريطانية كثيرا من تلك الممتلكات، التي صودرت قبل الاستعمار، فلم تنس الأسرة هذا الجميل للبريطانيين، ولقد ذكر الغلام ميرزا هذه الحادثة قائلا: " ثم رد الله إلى أبي بعض القرى في عهد الدولة البريطانية".
لذا ارتبطت كل الأسرة بالولاء التام والإخلاص الصادق للمستعمر، ويفخر الغلام ميرزا بذلك ويقول متبجحا: " لقد أقرت الحكومة بأن أسرتي في مقدمة الأسر التي عُرفت في الهند بالنصح والإخلاص للحكومة الإنجليزية، ودلت الوثائق التاريخية على أن والدي وأسرتي كانوا من كبار المخلصين لهذه الحكومة من أول عهدها، وصدق ذلك الموظفون الإنجليز الكبار".
ويذكر الميرزا بعض تلك الخدمات التي يفخر بأن أسرته قدمتها للمستعمر، ومنها قوله: " لقد قدم والدي فرقة مؤلفة من خمسين فارسا لمساعدة الحكومة الإنجليزية في ثورة 1857، وتلقى على ذلك الشكر والتقدير من رجال الحكومة"، ويستمر مفتخرا: " وكان أخي الأكبر- غلام قادر- بجوار الإنجليز على جبهة من جبهات حرب الثورة".
ويكشف لنا تصريح أحد الحكام الإنجليز، ويُدعى نيكولسن حجم العلاقة الحميمة بين الجانبيين، فيقول: " علينا أن نسن قانونا يبيح لنا إحراق الثوار وسلخ جلودهم وهم أحياء، لأن نار الانتقام التي تأججت في صدورنا لا تضمد بالشنق وحده" ويكتب نيكولسن هذا فيما بعد يمتدح أسرة الميرزا أحمد القاديانية: " إن في قاديان تسكن هذه الأسرة التي وجدنا فيها دون جميع الأسر الوفاء للإنجليز".
وبعدما ظهرت دعوة أحمد القادياني، وجدت الحاضن الطبيعي لها في الإنجليز، الذين دعموها بالمال والحماية، فقابلها الميرزا بالمثل فأفتى بحرمة الجهاد ضد الإنجليز في فتاوي متتالية، صاح بها على المنابر وسودها على صحائف كتبه، بلغة ركيكة وأسلوب هزيل وفقه ملتو ونية خبيثة.
زعم المفتري على الله في كتيبه المسمى (الأربعين) أن جهاد الكفار حكم منسوخ فقال: " لقد أُلغي الجهاد في عصر المسيح الموعود إلغاء تاما"، وقال في ( الخطبة الإلهامية) : " لقد آن أن تُفتح أبواب السماء، وقد عُطل الجهاد في الأرض، وتوقفت الحروب، كما جاء في الأحاديث، لأن الجهاد للدين يحرم في عهد المسيح، فيحرم الجهاد من هذا اليوم، وكل من يرفع السيف للدين ويقتل الكفار باسم الغزو والجهاد يكون عاصيا للسنة والرسول".
ويقول في كتيبه المسموم ( ترياق القلوب): "إن الفرقة الإسلامية، التي قلدني الله إمامتها وسيادتها، تمتاز بأنها لا ترى الجهاد بالسيف ولا تنتظره، بل إن الفرقة المباركة لا تستحقه سرا كان أو علانية وتحرمه تحريما باتا".
فما هي براهينه؟
وأين هي حججه؟
إنها سفسطة مخبول، وأوهام مجذوب، وأوهام مُدع للنبوة والمهدية والمسيحية، نعم، فإنه إن يكن يدعي أنه المسيح والنبي والمهدي، فهو بحق مسيح دجال ونبي كاذب ومهدي يهذي ويهدي أتباعه إلى الضلالة، يقول هذا المهدي المزعوم بلغة مسلسلة بالأخطاء: "أنا لا أعتقد أن مهدي هاشمي قرشي سفاح ينتظره الناس من بني فاطمة، يملأ الأرض دما، ولا أرى مثل هذه الأحاديث صحيحة بل هي كومة من الموضوعات، نعم، أدعي لنفسي أني أنا المسيح الموعود الذي يعيش متواضعا مثل المسيح، متبرئا من القتل والحرب، كاشفا عن وجه ذي الجلال بالطريق السلمي والملاطفة، ذلك الوجه الذي احتجب عن أغلب الأمم، إن مبادئي وعقائدي وتعليماتي لا تحمل طابع المحاربة والعدوان، وأنا متأكد من أتباعي كلما زاد عددهم قل عدد القائلين بالجهاد المزعوم، لأن الإيمان بي كمسيح ومهدي معناه رفض الجهاد". 
وفي خطبة إلهامية أشبه بالهذيان يصرخ قائلا: " إن هذا الفتح - يعني للإسلام في آخر الزمان- لا يُتاح بالأسلحة المصنوعة بيد البشر بل بالحرية السماوية التي تستعملها الملائكة، لذلك فقد وُضع الجهاد بالسيف منذ اليوم بأمر الله، فمن رفع السيف بعد هذا على الكفار مسميا نفسه غازيا فقد عصى رسول الله، الذي أنبأنا منذ ثلاثة عشر قرنا من الزمان أن يُوضع الجهاد بالسيف عند ظهور المسيح الموعود، فلا جهاد بالسيف عند ظهوري، وها قد رفعنا اللواء الأبيض للصلح والأمان".
لكن الغريب أن الجهاد الذي أسقطه القادياني، إنما هو الجهاد ضد الكفار، أما الجهاد دفاعا عن الإنجليز ضد المسلمين وضد المستضعفين من الناس فقد أقاموا سوقه، ورفعوا لواءه فانتشرت شرارته في كل مكان، حتى صار القتال إلى جانب الغزاة هو ذروة سنام الديانة القاديانية، قال الميرزا: " إن ألم الحكومة البريطانية هو ألمنا.. لذا فإن، الاحمديين يفخرون بأنهم أراقوا دماءهم في فتح العراق مع بريطانيا".
كما كان محمود أحمد أحد خلفاء ميرزا القادياني يقول: " إن الجنة تحت ذلك السيف المسلول، الذي يُسل للدفاع عن الإمبراطورية البريطانية".
فأين فتاويهم بتحريم الحرب؟
وأين فقههم في وضع السيف؟
أليست خدعة أخرى لتضليل أصحاب الحقوق المسلوبة ليتخلوا عن حقهم في المقاومة، أليست دعوة الاحمدية القاديانية إلا حملة غرضها تضليل الأمة، وتزييف الوعي، وقتل الروح المعنوية، وتثبيط العزائم، وهدم البنيان من الداخل، وغرس فكر الانبطاح وسياسة الاستسلام للعدو، ليُقضى عليه فيما بعد بلا رحمة؟
لقد تنبه لهذا الطابور الخامس وخطره الزعيم الهندي المناضل الثائر (نهرو) فكتب بعد عودة من أحد أسفاره في الأرض الهندية المغتصبة: " إنني في سفري هذا أخذت درسا جديدا، هو أننا إذا أردنا أن نُضعف قوة بريطانية علينا أولا أن نضعف الجماعة القاديانية ".
فهذا هو السبيل فلا مناص من الانتصار على المغتصب إلا بإضعاف جنوده في الخفاء، وإقصاء طابوره الخامس، وذلك بفضح طريقتهم وكشف زيف إعلامهم، والتحذير من مخططاتهم، وقبل كل ذلك الاستماتة في الدعوة إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، لتحصين المسلمين من كل فكر خبيث، وعدم تركهم يتخبطون في أميتهم الدينية تتخطفهم القنوات الفضائية الفسقية والبدعية والكفرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.