الرد
الرشيد على الميرزا السليط فى مجئ الدجال
بسم الله الرحمان الرحيم
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
دأبت الجماعة الأحمدية (القاديانية ) على تأويل أحداث القرآن الكريم التى أخبرنا بها
ربنا تبارك وتعالى تأويلاً فاسداً يتفق وعقيدتهم الفاسدة ومصلحتهم التى يرنوا إليها
فى تشكيك المسلمين فى عقيدتهم وثوابتهم التى يؤمنون بها ، وذلك خدمة لأسيادهم فى
إضعاف الأمة الإسلامية ومحاولة محو الهوية الإسلامية التى تهدد حياتهم ومستقبلهم .
وهذا ليس بالأمر المستغرب عليهم ، فدجالهم الذي يؤمنون به على أنه نبى مرسل ،
هو من علمهم ذلك وابتدعه لهم ، فقد قال فى تفسير قول الله تعالى :
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكه ألا تخافوا ولا تحزنوا
وأبشروابالجنه التى كنتم توعدون . نحن أولياؤكم فى الحياه الدنيا والاخره... )
(فصلت 30 ،31 ) .
قال : "اعلموا يقيناً أن المبشرات التى تشرفت بها فى عزلتى ووحدتى ، سوف تتم بمرأى
الجيل الحاضر ومسمعهم ، وتثبت بالحق أن الاسلام هو الدين الحى ، لايبرح يوصل
أهله إلى مقام المعرفه والوصال قبل مفارقتهم هذا العالم ، كما بشر به القرآن المجيد".
(براهين أحمديه ، ج4 - ص468 )
وقال :"يغنيك ربك ويرحمك وإن لم يعصمك من الناس ، فيعصمك الله من عنده" .
(براهين أحمديه ، ج4 - ص 510 )
ومما ذكره فى تأويله لقوله تعالى:
(وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ )(50)المؤمنون .
قال: "إن المراد بها المسيح وأمه ، وأنهما هاجرا من فلسطين إلى كشمير، وأن المسيح
وأمه سافرا إلى كشمير بعد واقعه الصلب ، كما قال سبحانه ، فإن الإيواء فى اللغه العربيه
تستعمل بمعنى الانقاذ، والإجاره من العذاب ، أو المشقه ، وظاهر أنه لم يبتل المسيح وأمه
قبل واقعه الصلب بشئ من حدثان الدهر ، لذلك لزم منه أن الله تعالى إنما أدنى المسيح
وأمه إلى الربوه المذكوره ، بعد حادثه الصلب" . (سفينة نوح)للغلام القادياني، ص 21 0
وقال فى الآيه الكريمه:
( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا
وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ )(12،التحريم)
"هذه بشاره بأنه سيكون فى الأمه الأسلاميه رجل من درجه مريم الصديقه ، ثم ينفخ
فيه روح عيسى ، فإذا مريم يخرج منها عيسى ، أى : الرجل ينتقل من صفاته المريميه
إلى صفاته العيسويه ، فكأنما كينونته المريميه أنتجت العيسويه ، وبهذا المعنى يسمى ذلك
الرجل: ابن مريم .
( د. حسن عيسى عبد الظاهر: القاديانية نشأتها وتطورها، ص 143-144 ) .
ومن هذا الكثير والكثير مما حرف وبدل به معانى كتاب الله تعالى عمدا ، لا جهلاً حتى
يصبوا إلى ما كان يرنوا إليه من تشكيك المسلمين فى عقائدهم .
كان لا بد من هذه المقدمة البسيطة لنتعرف على طبيعة تفكير القوم وطريقة تعاملهم
مع النصوص الشرعية وكيف ينظرون إليها ، وقد قمنا بالرد على ذلك كثيراً ، ولكن
كان لا بد من هذه التقدمة لارتباطها الوثيق بموضوعنا آلا وهو موضوع (الدجال )
وتعريفاته عند الجماعة الأحمدية (القاديانية ) ، مما له أهمية قصوى لديهم ، حيث أنهم
يعتبرونه دليل إثبات لنبوة (ميرزاهم الغلام أحمد ) ، ولأهمية هذا الموضوع فى عقيدتهم
سنناقش أقوال ميرزاهم وأقوالهم ، وسنبطل لهم جميع حججهم بأمر الله تعالى وبالتالى
نبطل معها نبوة ميرزاهم المزعوم .
ونبدأ بحول الله وقوته ، بأقوال ميرزاهم نفسه فى الدجال وماذا قال فيه :
قال :" إذا رجعنا الى القرآن ونظرنا فيه .. هل هو يبين ذكر رجل خاص سمى دجالا ،
فلا نجد فيه منه أثر ولا إليه إشارة ، مع أنه كفل ذكر واقعات عظيمة " (1)
ثم قال :
"ولكن لا نجد فى القرآن ذكر الدجال الذى هو فرد خاص بزعم القوم "
(حمامة البشرى ، ص 75 )(2)
ثم قال :
"نعم إنا نرى أن القرآن قد ذكر صريحا فئة مفسدة فى الدين ، وذكر أن فى آخر الزمان
يكون قوما مكارين مفسدين ، ينسلون من كل حدب ، ويهيجون الفتن فى الأرض كأمواج
البحار ، فتلك هى الفئة التى سميت فى الأحاديث دجالا " (3)
وقال :
"فلا تكن من الممترين فى كون النصارى دجالا معهودا ومظهرا عظيما للشيطان"
(حمامة البشرى ، ص 77) (4)
وقال :
"الأوربيون اعتادوا على القول بأن مسيحين دجالين سيظهرون . وقد ظهر أول هؤلاء
المسيحين الدجالين والأنبياء الكذبة فى لندن ، وبعد هذا سيصل صوت المسيح الحقيقى
إلى لندن . وقد بينت الأحاديث أيضا أن المسيح الدجال سيدعى الألوهية والنبوة لنفسه ،
وبهذا تحقق هذا بشكل مذهل فى هذا الشعب ، فقد ادعى دوئى أنه رسول فى أمريكا
وادعى بيغت أنه إله فى لندن"
"الملفوظات المجلد الرابع ، 11 نوفمبر 1902 م " (5)
وقال :
"أرضيتم أن تتزايد فتن الدجالين القسيسين وتمتد إلى مائتين أو مئين ؟"
(مكتوب أحمد ، ص28 ) (6)
مما سبق من كلام الميرزا فى موضوع الدجال يتجلى لنا أمرين شديدى الأهمية
والخطورة بالنسبة لعقيدة هذا الرجل ومن اتبعه من جماعته .
الأمرالأول : يبدأ الرجل فى تشكيك المتلقى منه فى كل شئ من ثوابته وإيهامه بأنه يفهم
الأمر على غير مقصده الحقيقى كما فى المثال (1) و(2) ، فبدأ بقوله إن الدجال لم
يذكرفى القرآن الكريم صراحة .
ومن هذا المنطلق يوجه فكر المتلقى منه الى حقيقة أنه فعلا لم يذكر صراحة فى القرآن
الكريم كما ذكر يأجوج ومأجوج والدابة ، مع عظم أمره كما صرحت بذلك الأحاديث
النبوية الشريفة كقوله صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال سبعاً فهل تنتظرون إلا فقراً
منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مقيداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشر غائب
ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر) {الترمذى ، والنسائى ، والحاكم وصححه} .
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَأَنْذَرَ قَوْمَهُ الْأَعْوَرَ الدَّجَّالَ ) {البخارى ، ومسلم } .
فهذه الأحاديث الشريفة توضح وتبين عظم فتنة خروجه وخطرها على الناس ، ومع
ذلك لم يذكر خروجه صراحة فى القرآن الكريم .
ولقد أورد الأمام ابن حجر ذلك فى فتح البارى قوله :
{اِشْتَهَرَ السُّؤَال عَنْ الْحِكْمَة فِي عَدَم التَّصْرِيح بِذِكْرِ الدَّجَّال فِي الْقُرْآن مَعَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ مِنْ
الشَّرّ وَعِظَم الْفِتْنَة بِهِ وَتَحْذِير الْأَنْبِيَاء مِنْهُ وَالْأَمْر بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ حَتَّى فِي الصَّلَاة ، وَأُجِيبَ
بِأَجْوِبَةٍ :
أَحَدهَا : أَنَّهُ ذُكِرَ فِي قَوْله ( يَوْم يَأْتِي بَعْض آيَات رَبّك لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا ) فَقَدْ أَخْرَجَ
التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " ثَلَاثَة إِذَا خَرَجْنَ لَمْ يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا لَمْ تَكُنْ
آمَنَتْ مِنْ قَبْل : الدَّجَّال وَالدَّابَّة وَطُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا "
الثَّانِي : قَدْ وَقَعَتْ الْإِشَارَة فِي الْقُرْآن إِلَى نُزُول عِيسَى بْن مَرْيَم فِي قَوْله تَعَالَى :
( وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْته ) وَفِي قَوْله تَعَالَى ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ )
وَصَحَّ أَنَّهُ الَّذِي قَتَلَ الدَّجَّال فَاكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَد الضِّدَّيْنِ عَنْ الْآخَر ، وَلِكَوْنِهِ يُلَقَّب الْمَسِيح
كَعِيسَى ؛ لَكِنَّ الدَّجَّال مَسِيح الضَّلَالَة وَعِيسَى مَسِيح الْهُدَى .
الثَّالِث : أَنَّهُ تَرَكَ ذِكْره اِحْتِقَارًا ، وَتُعُقِّبَ بِذِكْرِ يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَلَيْسَتْ الْفِتْنَة بِهِمْ بِدُونِ الْفِتْنَة
بِالدَّجَّالِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ } .
فالحاصل من الأمر أنه يبدأ بزرع الشك أولا لدى المتلقى منه حتى يسهل عليه أن يسوق
إليه ما يريد أن ُيمليه عليه فيتقبله فى يسر وسهولة ، ودون مقاومة فكرية لما ُيلقيه إليه
من سموم وأفكار ملوثة ومشوهة ، فهذا دأبه ونهجه وهو المنهج نفسه الذى تتبناه جماعته
ولا يحيدون عنه قيد أنملة ، فجميع مؤلفاته التى يزعم أنه ألفها ونحن نشك فى قدرته على
ذلك ، تجده يسرد فيها الصفحات الطوال فى التشكيك فى أمر معين ويلقى عليه شبه معقولة
وغير معقولة ، مقبولة وغير مقبولة ، كما فعل فى مسألة موت عيسى عليه السلام ، فلا
تجد كتاب له إلا وسرد فيه عشرات الصفحات من أجل هذه المسألة ، ولا يخلو مؤلف من
مؤلفاته المزعومة إلا وساق فيه نفس الموضوع بإصرار عجيب ، لكى يوصلك الى بعض
القناعة بما يقول .
الأمر الثانى : وهو تأويلاته الفاسدة لكل النصوص بما لم يقل به أحد من أهل العلم
المعتبرين من المسلمين فى القديم أو المعاصر ، سواء كانت تلك النصوص للقرآن
الكريم أو السنة النبوية المطهرة ، كما فعل فى المثال (4) ، و(6) .
والملاحظ أنه لايلتزم بأى قاعدة من القواعد اللغوية أو الشرعية ، ولكن مبعثه فى
ذلك هواه وميوله وشيطانه .
تلك كانت مقدمة سريعة ومدخل لموضوعنا الذى سنتحدث عنه بمشيئة الله تعالى
وهو موضوع الدجال وفهم القاديانى وجماعته لهذا الأمر والرد على افتراءاتهم
ودحض حجج نبيهم المزعوم وبيان كذبه وتدليسه فى هذا الأمر .
من أقوال هذا الغلام فى الفقرات السابقة من (1) الى (6) ومن خلال مؤلفات مختلفة
له ، نخلص الى الآتى :
1- فى الفقرتين (1) ، (2) أنكر ذكرالدجال بتاتا ، واستشهد على ذلك بعدم ذكره
فى القرآن الكريم .
2- فى الفقرة (3) نقض قوله الأول ، وقرر بأن يأجوج ومأجوج المذكورين فى القرآن
الكريم هم الدجال .
3- فى الفقرة (4) جاء لنا بتفسير مخالف تماما لما قاله فى الفقرات (1) ، (2) ، (3) ،
وقرر بأن الدجال هم النصارى .
4- فى الفقرة (5) ترك القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واعتمد
على نصوص الأوربيين فى أنه سيظهر دجالين اثنين ، أحدهما سيدعى النبوة ، والثانى
سيدعى الأولوهية ، فأقرهم على ذلك .
5- فى الفقرة (6) انقلب مرة أخرى على آراءه السابقة ، فقرر أن الدجال هم القساوسة
وحدد مدة مكوثهم لفتنة الناس بمائتى عام أو ربما يطول الأمر الى مئات الأعوام .
فمما سيق يتضح لنا أمور منها :
-إن هذا الرجل إما أن يكون مغيباً ، فهو لا يعى ما يكتب وما كتب سابقاً ، وتلك من
أكبر وأعظم الأدلة على فساد دعواه فى كونه نبياً يوحى إليه ، إذ أنه حتى لا يصلح
أن يكون كاتبا يتبنى قضية ما ، فكيف يتأتى له أن يدافع عن قضية ما وسط كل هذه
الآراء المتضاربة والمتعارضة لنفس الشخص ؟؟
وكيف يؤمن بعقيدة وهو إنسان متأرجح بين تلك الآراء المختلفة ، فيتبنى الرأى ثم ما
يلبث أن يخالفه إلى غيره من غير أن يجبره على ذلك أحداً ؟؟
- وإما أن يكون من يكتب غيره ، ولكل كاتب وجهة نظره فى القضية ، فيكتب فيها ما
يراه هو وما يؤمن به هو ، ثم ينسب هذا كله إليه ، وهو حتى ما قرأ ما ُكتب فيجمع
بينه أو يصححه ، وهذا على الأرجح عندى ما كان يحدث مع هذا الغلام .
وفى هذه الحالة أيضاً هو كذاب أشر ، سارق لجهد غيره ، ناسبه لشخصه ولنفسه
لينال به شرف فى الدنيا ، ولا علاقة له من قريب أو من بعيد بدين أو عقيدة .
ثم نأتى أخيراً لمناقشة ماذهب إليه هذا الغلام الدعى ، وما قرره من أباطيل ومزاعم
وما نسجه من خرافات وخزعبلات فى أمر المسيح الدجال .
- فقد ذهب هذا الدعى أن الدجال هم يأجوج ومأجوج ، وذهب إلى أن يأجوج ومأجوج
هم النصارى ، كما جاء فى كتابه حمامة البشرى فى صفحة 75 إلى صفحة 77 (3)،
(4) ، وهذا مخالف تماماً لما جاء فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم من أن الدجال
رجل واحد ، كما أن النبى صلى الله عليه وسلم حدد صفة ووصف هذا الرجل ، وليس
ذلك فقط وإنما شبهه بشخص معروف لدى الصحابة الكرام وذكره لهم بالأسم .
فلنرى ماذا قال النبى صلى الله عليه وسلم عن الدجال :
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً قُلْتُ مَنْ
هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ كَأَنَّ
عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ)
(فتح البارى ، رقم 6595 ) .
وفى حديث النواس ابن سمعان الطويل الذى فى صحيح مسلم :
أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
(إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ
عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ) (مسلم ، رقم 5228 بشرح النووى ) .
فهذه الأحاديث تقطع بما لا مجال للشك بأن الدجال رجل وأنه شبيه لرجل يعرفه من
ُيتحدث إليهم ، وأنه أعور .
دأبت الجماعة الأحمدية (القاديانية ) على تأويل أحداث القرآن الكريم التى أخبرنا بها
ربنا تبارك وتعالى تأويلاً فاسداً يتفق وعقيدتهم الفاسدة ومصلحتهم التى يرنوا إليها
فى تشكيك المسلمين فى عقيدتهم وثوابتهم التى يؤمنون بها ، وذلك خدمة لأسيادهم فى
إضعاف الأمة الإسلامية ومحاولة محو الهوية الإسلامية التى تهدد حياتهم ومستقبلهم .
وهذا ليس بالأمر المستغرب عليهم ، فدجالهم الذي يؤمنون به على أنه نبى مرسل ،
هو من علمهم ذلك وابتدعه لهم ، فقد قال فى تفسير قول الله تعالى :
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكه ألا تخافوا ولا تحزنوا
وأبشروابالجنه التى كنتم توعدون . نحن أولياؤكم فى الحياه الدنيا والاخره... )
(فصلت 30 ،31 ) .
قال : "اعلموا يقيناً أن المبشرات التى تشرفت بها فى عزلتى ووحدتى ، سوف تتم بمرأى
الجيل الحاضر ومسمعهم ، وتثبت بالحق أن الاسلام هو الدين الحى ، لايبرح يوصل
أهله إلى مقام المعرفه والوصال قبل مفارقتهم هذا العالم ، كما بشر به القرآن المجيد".
(براهين أحمديه ، ج4 - ص468 )
وقال :"يغنيك ربك ويرحمك وإن لم يعصمك من الناس ، فيعصمك الله من عنده" .
(براهين أحمديه ، ج4 - ص 510 )
ومما ذكره فى تأويله لقوله تعالى:
(وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ )(50)المؤمنون .
قال: "إن المراد بها المسيح وأمه ، وأنهما هاجرا من فلسطين إلى كشمير، وأن المسيح
وأمه سافرا إلى كشمير بعد واقعه الصلب ، كما قال سبحانه ، فإن الإيواء فى اللغه العربيه
تستعمل بمعنى الانقاذ، والإجاره من العذاب ، أو المشقه ، وظاهر أنه لم يبتل المسيح وأمه
قبل واقعه الصلب بشئ من حدثان الدهر ، لذلك لزم منه أن الله تعالى إنما أدنى المسيح
وأمه إلى الربوه المذكوره ، بعد حادثه الصلب" . (سفينة نوح)للغلام القادياني، ص 21 0
وقال فى الآيه الكريمه:
( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا
وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ )(12،التحريم)
"هذه بشاره بأنه سيكون فى الأمه الأسلاميه رجل من درجه مريم الصديقه ، ثم ينفخ
فيه روح عيسى ، فإذا مريم يخرج منها عيسى ، أى : الرجل ينتقل من صفاته المريميه
إلى صفاته العيسويه ، فكأنما كينونته المريميه أنتجت العيسويه ، وبهذا المعنى يسمى ذلك
الرجل: ابن مريم .
( د. حسن عيسى عبد الظاهر: القاديانية نشأتها وتطورها، ص 143-144 ) .
ومن هذا الكثير والكثير مما حرف وبدل به معانى كتاب الله تعالى عمدا ، لا جهلاً حتى
يصبوا إلى ما كان يرنوا إليه من تشكيك المسلمين فى عقائدهم .
كان لا بد من هذه المقدمة البسيطة لنتعرف على طبيعة تفكير القوم وطريقة تعاملهم
مع النصوص الشرعية وكيف ينظرون إليها ، وقد قمنا بالرد على ذلك كثيراً ، ولكن
كان لا بد من هذه التقدمة لارتباطها الوثيق بموضوعنا آلا وهو موضوع (الدجال )
وتعريفاته عند الجماعة الأحمدية (القاديانية ) ، مما له أهمية قصوى لديهم ، حيث أنهم
يعتبرونه دليل إثبات لنبوة (ميرزاهم الغلام أحمد ) ، ولأهمية هذا الموضوع فى عقيدتهم
سنناقش أقوال ميرزاهم وأقوالهم ، وسنبطل لهم جميع حججهم بأمر الله تعالى وبالتالى
نبطل معها نبوة ميرزاهم المزعوم .
ونبدأ بحول الله وقوته ، بأقوال ميرزاهم نفسه فى الدجال وماذا قال فيه :
قال :" إذا رجعنا الى القرآن ونظرنا فيه .. هل هو يبين ذكر رجل خاص سمى دجالا ،
فلا نجد فيه منه أثر ولا إليه إشارة ، مع أنه كفل ذكر واقعات عظيمة " (1)
ثم قال :
"ولكن لا نجد فى القرآن ذكر الدجال الذى هو فرد خاص بزعم القوم "
(حمامة البشرى ، ص 75 )(2)
ثم قال :
"نعم إنا نرى أن القرآن قد ذكر صريحا فئة مفسدة فى الدين ، وذكر أن فى آخر الزمان
يكون قوما مكارين مفسدين ، ينسلون من كل حدب ، ويهيجون الفتن فى الأرض كأمواج
البحار ، فتلك هى الفئة التى سميت فى الأحاديث دجالا " (3)
وقال :
"فلا تكن من الممترين فى كون النصارى دجالا معهودا ومظهرا عظيما للشيطان"
(حمامة البشرى ، ص 77) (4)
وقال :
"الأوربيون اعتادوا على القول بأن مسيحين دجالين سيظهرون . وقد ظهر أول هؤلاء
المسيحين الدجالين والأنبياء الكذبة فى لندن ، وبعد هذا سيصل صوت المسيح الحقيقى
إلى لندن . وقد بينت الأحاديث أيضا أن المسيح الدجال سيدعى الألوهية والنبوة لنفسه ،
وبهذا تحقق هذا بشكل مذهل فى هذا الشعب ، فقد ادعى دوئى أنه رسول فى أمريكا
وادعى بيغت أنه إله فى لندن"
"الملفوظات المجلد الرابع ، 11 نوفمبر 1902 م " (5)
وقال :
"أرضيتم أن تتزايد فتن الدجالين القسيسين وتمتد إلى مائتين أو مئين ؟"
(مكتوب أحمد ، ص28 ) (6)
مما سبق من كلام الميرزا فى موضوع الدجال يتجلى لنا أمرين شديدى الأهمية
والخطورة بالنسبة لعقيدة هذا الرجل ومن اتبعه من جماعته .
الأمرالأول : يبدأ الرجل فى تشكيك المتلقى منه فى كل شئ من ثوابته وإيهامه بأنه يفهم
الأمر على غير مقصده الحقيقى كما فى المثال (1) و(2) ، فبدأ بقوله إن الدجال لم
يذكرفى القرآن الكريم صراحة .
ومن هذا المنطلق يوجه فكر المتلقى منه الى حقيقة أنه فعلا لم يذكر صراحة فى القرآن
الكريم كما ذكر يأجوج ومأجوج والدابة ، مع عظم أمره كما صرحت بذلك الأحاديث
النبوية الشريفة كقوله صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال سبعاً فهل تنتظرون إلا فقراً
منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مقيداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشر غائب
ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر) {الترمذى ، والنسائى ، والحاكم وصححه} .
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَأَنْذَرَ قَوْمَهُ الْأَعْوَرَ الدَّجَّالَ ) {البخارى ، ومسلم } .
فهذه الأحاديث الشريفة توضح وتبين عظم فتنة خروجه وخطرها على الناس ، ومع
ذلك لم يذكر خروجه صراحة فى القرآن الكريم .
ولقد أورد الأمام ابن حجر ذلك فى فتح البارى قوله :
{اِشْتَهَرَ السُّؤَال عَنْ الْحِكْمَة فِي عَدَم التَّصْرِيح بِذِكْرِ الدَّجَّال فِي الْقُرْآن مَعَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ مِنْ
الشَّرّ وَعِظَم الْفِتْنَة بِهِ وَتَحْذِير الْأَنْبِيَاء مِنْهُ وَالْأَمْر بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ حَتَّى فِي الصَّلَاة ، وَأُجِيبَ
بِأَجْوِبَةٍ :
أَحَدهَا : أَنَّهُ ذُكِرَ فِي قَوْله ( يَوْم يَأْتِي بَعْض آيَات رَبّك لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا ) فَقَدْ أَخْرَجَ
التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " ثَلَاثَة إِذَا خَرَجْنَ لَمْ يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا لَمْ تَكُنْ
آمَنَتْ مِنْ قَبْل : الدَّجَّال وَالدَّابَّة وَطُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا "
الثَّانِي : قَدْ وَقَعَتْ الْإِشَارَة فِي الْقُرْآن إِلَى نُزُول عِيسَى بْن مَرْيَم فِي قَوْله تَعَالَى :
( وَإِنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْته ) وَفِي قَوْله تَعَالَى ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ )
وَصَحَّ أَنَّهُ الَّذِي قَتَلَ الدَّجَّال فَاكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَد الضِّدَّيْنِ عَنْ الْآخَر ، وَلِكَوْنِهِ يُلَقَّب الْمَسِيح
كَعِيسَى ؛ لَكِنَّ الدَّجَّال مَسِيح الضَّلَالَة وَعِيسَى مَسِيح الْهُدَى .
الثَّالِث : أَنَّهُ تَرَكَ ذِكْره اِحْتِقَارًا ، وَتُعُقِّبَ بِذِكْرِ يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَلَيْسَتْ الْفِتْنَة بِهِمْ بِدُونِ الْفِتْنَة
بِالدَّجَّالِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ } .
فالحاصل من الأمر أنه يبدأ بزرع الشك أولا لدى المتلقى منه حتى يسهل عليه أن يسوق
إليه ما يريد أن ُيمليه عليه فيتقبله فى يسر وسهولة ، ودون مقاومة فكرية لما ُيلقيه إليه
من سموم وأفكار ملوثة ومشوهة ، فهذا دأبه ونهجه وهو المنهج نفسه الذى تتبناه جماعته
ولا يحيدون عنه قيد أنملة ، فجميع مؤلفاته التى يزعم أنه ألفها ونحن نشك فى قدرته على
ذلك ، تجده يسرد فيها الصفحات الطوال فى التشكيك فى أمر معين ويلقى عليه شبه معقولة
وغير معقولة ، مقبولة وغير مقبولة ، كما فعل فى مسألة موت عيسى عليه السلام ، فلا
تجد كتاب له إلا وسرد فيه عشرات الصفحات من أجل هذه المسألة ، ولا يخلو مؤلف من
مؤلفاته المزعومة إلا وساق فيه نفس الموضوع بإصرار عجيب ، لكى يوصلك الى بعض
القناعة بما يقول .
الأمر الثانى : وهو تأويلاته الفاسدة لكل النصوص بما لم يقل به أحد من أهل العلم
المعتبرين من المسلمين فى القديم أو المعاصر ، سواء كانت تلك النصوص للقرآن
الكريم أو السنة النبوية المطهرة ، كما فعل فى المثال (4) ، و(6) .
والملاحظ أنه لايلتزم بأى قاعدة من القواعد اللغوية أو الشرعية ، ولكن مبعثه فى
ذلك هواه وميوله وشيطانه .
تلك كانت مقدمة سريعة ومدخل لموضوعنا الذى سنتحدث عنه بمشيئة الله تعالى
وهو موضوع الدجال وفهم القاديانى وجماعته لهذا الأمر والرد على افتراءاتهم
ودحض حجج نبيهم المزعوم وبيان كذبه وتدليسه فى هذا الأمر .
من أقوال هذا الغلام فى الفقرات السابقة من (1) الى (6) ومن خلال مؤلفات مختلفة
له ، نخلص الى الآتى :
1- فى الفقرتين (1) ، (2) أنكر ذكرالدجال بتاتا ، واستشهد على ذلك بعدم ذكره
فى القرآن الكريم .
2- فى الفقرة (3) نقض قوله الأول ، وقرر بأن يأجوج ومأجوج المذكورين فى القرآن
الكريم هم الدجال .
3- فى الفقرة (4) جاء لنا بتفسير مخالف تماما لما قاله فى الفقرات (1) ، (2) ، (3) ،
وقرر بأن الدجال هم النصارى .
4- فى الفقرة (5) ترك القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واعتمد
على نصوص الأوربيين فى أنه سيظهر دجالين اثنين ، أحدهما سيدعى النبوة ، والثانى
سيدعى الأولوهية ، فأقرهم على ذلك .
5- فى الفقرة (6) انقلب مرة أخرى على آراءه السابقة ، فقرر أن الدجال هم القساوسة
وحدد مدة مكوثهم لفتنة الناس بمائتى عام أو ربما يطول الأمر الى مئات الأعوام .
فمما سيق يتضح لنا أمور منها :
-إن هذا الرجل إما أن يكون مغيباً ، فهو لا يعى ما يكتب وما كتب سابقاً ، وتلك من
أكبر وأعظم الأدلة على فساد دعواه فى كونه نبياً يوحى إليه ، إذ أنه حتى لا يصلح
أن يكون كاتبا يتبنى قضية ما ، فكيف يتأتى له أن يدافع عن قضية ما وسط كل هذه
الآراء المتضاربة والمتعارضة لنفس الشخص ؟؟
وكيف يؤمن بعقيدة وهو إنسان متأرجح بين تلك الآراء المختلفة ، فيتبنى الرأى ثم ما
يلبث أن يخالفه إلى غيره من غير أن يجبره على ذلك أحداً ؟؟
- وإما أن يكون من يكتب غيره ، ولكل كاتب وجهة نظره فى القضية ، فيكتب فيها ما
يراه هو وما يؤمن به هو ، ثم ينسب هذا كله إليه ، وهو حتى ما قرأ ما ُكتب فيجمع
بينه أو يصححه ، وهذا على الأرجح عندى ما كان يحدث مع هذا الغلام .
وفى هذه الحالة أيضاً هو كذاب أشر ، سارق لجهد غيره ، ناسبه لشخصه ولنفسه
لينال به شرف فى الدنيا ، ولا علاقة له من قريب أو من بعيد بدين أو عقيدة .
ثم نأتى أخيراً لمناقشة ماذهب إليه هذا الغلام الدعى ، وما قرره من أباطيل ومزاعم
وما نسجه من خرافات وخزعبلات فى أمر المسيح الدجال .
- فقد ذهب هذا الدعى أن الدجال هم يأجوج ومأجوج ، وذهب إلى أن يأجوج ومأجوج
هم النصارى ، كما جاء فى كتابه حمامة البشرى فى صفحة 75 إلى صفحة 77 (3)،
(4) ، وهذا مخالف تماماً لما جاء فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم من أن الدجال
رجل واحد ، كما أن النبى صلى الله عليه وسلم حدد صفة ووصف هذا الرجل ، وليس
ذلك فقط وإنما شبهه بشخص معروف لدى الصحابة الكرام وذكره لهم بالأسم .
فلنرى ماذا قال النبى صلى الله عليه وسلم عن الدجال :
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً قُلْتُ مَنْ
هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ كَأَنَّ
عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ)
(فتح البارى ، رقم 6595 ) .
وفى حديث النواس ابن سمعان الطويل الذى فى صحيح مسلم :
أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
(إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ
عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ) (مسلم ، رقم 5228 بشرح النووى ) .
فهذه الأحاديث تقطع بما لا مجال للشك بأن الدجال رجل وأنه شبيه لرجل يعرفه من
ُيتحدث إليهم ، وأنه أعور .
فكيف يتحول الرجل الواحد إلى أمم كثيرة تعدادها اليوم بمليارات البشر من النصارى
فى انحاء العالم ، أو بملايين القساوسة الذين يملؤن مئات الآلاف من الكنائس على
مستوى العالم كله ، أو حتى إلى رجلين اثنين أحدهما فى لندن والآخر فى أمريكا كما
زعم هذا الغلام الكاذب المبدل لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .
- وكما ذكرنا أن هذا الكاذب جعل الدجال والنصارى ويأجوج ومأجوج شيئا واحدا،
وهذا مخالف لعقيدة المسلمين تماما .
إذ أن يأجوج ومأجوج موجودون من قبل أن يوجد النصارى كما قال تعالى :
(حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى
أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا )(95 ، الكهف ).
فمن المعلوم فى التاريخ ، حتى على من يزعمون أن الاسكندر هو ذو القرنين ، وهذا
باطل طبعا فالاسكندر كان كافرا ، وذو القرنين ملكا نبيا مؤمنا ، فلو سلمنا جدلا على
أنه الاسكندر فالأسكندر كان قبل ميلاد عيسى عليه السلام بمئات السنين .
إذاً فيأجوج ومأجوج موجودون من قبل النصارى ، والنصارى وجدوا بعدهم ، والنصارى
وجدوا من قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم بحوالى ستة قرون ، والدجال سيخرج
فى قرب قيام الساعة ، فكيف يكون هؤلاء الثلاثة الذين بينهم فروق زمنية شاسعة شئ
واحد ؟؟!!
فقد جاء فى صحيح مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ :
"اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ : مَا تَذَاكَرُونَ قَالُوا :
نَذْكُرُ السَّاعَةَ قَالَ إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ
وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ
وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ
تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ " (مسلم ، بشرح النووى ، رقم 5162 ) .
فى هذا الحديث الشريف ذكر النبى صلى الله عليه وسلم عشرة أمور ، منهم الدجال
ونزول عيسى عليه السلام ليكسر الصليب ويقتل الخنزير كما جاء فى حديث آخر ، أى
أنه سينزل لتصحيح عقيدة النصارى فيؤمنوا به على أنه رسول ، وليس إله أو ابن إله
كما يزعم النصارى ، ويأجوج ومأجوج ، فلو كان الثلاثة أمور شيئ واحد لأصبح الرقم
أقل من عشرة ، والنبى صلى الله عليه وسلم ذكر أنهم عشر آيات .
أليس منكم ولا فيكم وما مر عليكم رجل رشيد يميز ويقول أنى هذا ؟؟
ونأتى إلى خاتمة هذا المقال بالرد على ما أورده فى الفقرة (6) والتى يحذر فيها من
أن فتنة الدجال أو القساوسة ـ فالقساوسة فى زعمه هم الدجال ـ قد تمتد فتنتهم إلى
مائتى عام أو مئات الأعوام إذ لم يؤمن الناس بأنه هو المسيح الذى جاء ليخلص
المسلمين من الدجال ـ الذين هم القساوسة ـ وأنه نبى مرسل من عند الله .
فالله تبارك وتعالى أراد أن يفضحه ويفضح كذبه ، فجعله يقرر أن مكوث الدجال فى
الأرض قد يمتد لمئات السنين ، فخالف بذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم فى مدة
مكوث الدجال فى الأرض ، لأنه لوالتزم بالمدة التى حددها رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، والتى جاءت فى الأحاديث الصحيحة ، والتى قدرها رسولنا الكريم صلوات الله
وسلامه عليه بأربعين يوماً يُقتل بعدها الدجال ، لانفضح أمره وظهر دجله وكذبه بعد
هذه الفترة ولرجمه الناس بالنعال على كذبه .
فقد جاء فى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم :
(يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ
عَامًا ) .
وفى مسلم أيضاً من حديث النواس بن سمعان الطويل قال فيه :
( يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ
وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ
أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ
قَالَ كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ .......... الخ ) .
فمن خلال ماجاء فى الحديثين الشريفين للرسول صلى الله عليه وسلم يتضح لنا المدة التى
سيمكثها الدجال فى الأرض وهى أربعون يوما ، وليست مائتى سنة ولا مئات السنين كما
زعم هذا المخرف الكذاب الذى خشى انفضاح أمره خلال أربعون يوماً ، فمددها إلى
مائتى سنة أو مئات السنين .
فلاشك أن هذا الرجل كذاب أشر ودعى فاجر ، وهو بلا شك وجميع اتباعه كفار فجرة .
وللموضوع بقية نكمله بمشيئة الله تعالى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.