بسم الله الرحمان الرحيم
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
ولكم أن تضحكوا على هذا الادعاء
الكاذب الذي لا رأس له ولا قدمين ، ولا
خطام له ولا زمام !! ما الذي دفعه أن يدعي هذا الادعاء ؟
الذي دفعه أن يدعي هذا الادعاء هو أنه لم يجد مخرجا
لادعائه النبوة الكاذبة ، وعلم أن المسيح عيسى بن مريم سينزل آخر الزمان فتشبث
بهذه العقيدة وادعى أنه عيسى عليه السلام
قال الميرزا القادياني في كتابه تحفة بغداد زاعما أن
الله كلمه بهذه الكلمات :
((الحمد
لله الذي جعلك المسيح ابن مريم . قل هذا من فضل ربي .))([1])
ويقول هذا الكذاب :
((وقد علمني ربي من أسرار ، وأخبرني من أخبار ، وجعلني
مجدد هذه المائة ، وخصني في علومه بالبسطة والسعة ، وجعلني لرسله من الوارثين .
وكان من مفائح تعليمه ، وعطايا تفهيمه ، أن المسيح عيسى بن مريم قد مات بموته
الطبعي وتوفي كإخوانه من المرسلين .
وبشرني وقال إن المسيح الموعود الذي يرقبونه والمهدي
المسعود الذي ينتظرونه هو أنت ، نفعل ما نشاء فلا تكونن من الممترين .
وقال : إنا جعلناك المسيح بن مريم ، ففض ختم سره وجعلني
على دقائق الأمر من المطلعين ، وتواترت هذه الإلهامات ، وتتابعت البشارات حتى صرت
من المطمئنين .اهـ([2])
وهم يقولون : ((المسيح الموعود والمهدي المنتظر ))
وهذا قول لا يحتاج لرد ولكننا سنذكر الرد تنبيها وتذكيرا
بعقيدة نزول المسيح عليه السلام
أولا : ثبوت رفع المسيح عيسى بن مريم عليه السلام حيا
إلى السماء
قال الله تعالى :
{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ
وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ
الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [آل عمران:55]
والقول فيه من جهتين :
الأولى : معنى
الوفاة
والثانية : رفعه إلى السماء
وأذكر هنا مبحثا للدكتور عبد الله الزبير عبد الرحمن في
رده على حسن الترابي في إنكاره نزول عيسى قد أوفي فقال :
والتوفي يطلق على ثلاثة معان كلها من إطلاقات القرآن ،
فالتوفي بمعنى الإماتة، والتوفي بمعنى النوم كما في قوله تعالى ( وهو الذي يتوفاكم
بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ) ، والتوفي بمعنى الحيازة والقبض من غير نقص ، كما
في قوله تعالى ( ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) . والترجيح لغير توفي
الموت بالآتي:
1- ما عليه جماهير المفسرين ، فقد رجح أن عيسى حي لم يمت
في تفسير هذه الآية من أصحاب التفسير: شيخ المفسرين الطبري ، وصححه القرطبي ، وابن
كثير، والرازي، وابن عطية ، وأبو السعود، والزمخشري، والبيضاوي، والبغوي،
والثعالبي، والسعدي، والسمرقندي والنسفي والواحدي والألوسي وابن الجوزي والشوكاني
والعز بن عبد السلام في تفسيره والشنقيطي في أضواء البيان وابن القيم في دقائق
التفسير وابن تيمية في مجموعه. ومن أئمة التفسير من الصحابة والتابعين لهم بإحسان:
ابن عباس في الصحيح عنه، والحسن بن علي والحسن البصري وقتادة ومطر الوراق وكعب
الأحبار وسعيد بن المسيب وابن جريج والكلبي ومقاتل بن سليمان والربيع بن أنس
والضحاك والحسين بن الفضل وثابت البناني وابن زيد والسدي . فمن يا ترى أولى
بالاتباع والموافقة؟ هذه الجمهرة من خيار الأمة وأئمتها؟ أم من خالفهم ووافق
الجهمية والمعتزلة؟.
2- أن ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه في أنه توفي موت
مجاب بثلاثة وجوه:
أ- أنها ضعيفة لأنها رواية علي بن طلحة .
ب - أن مراده كمراد وهب بن منبه أن عيسى عليه السلام
توفاه الله وفاة موت ثلاث ساعات ثم أحياه لينزل إلى الأرض في آخر الزمان. لأن ابن
عباس ممن قال فيما صحّ عنه بنزول عيسى وأنه حي في السماء وذلك في تفسير قوله تعالى
( وإنه لعلم للساعة ) وسيأتي إن شاء الله.
ج- أنه توفي موت ولكن بتقديم وتأخير أنه رفعه وطهره ثم
يتوفاه بعد نزوله في الأرض.
3- أن من المعلوم بالضرورة أن السنة مفسرة للقرآن وموضحة
لمشكله ومبينة لمجملة ومخصصة لعمومه ومقيدة لمطلقه ، فالآية تفسرها السنة الصحيحة
بل المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن عيسى لم يمت وأنه سينزل في آخر
الزمان، وليس بعد بيان النبي صلى الله عليه وسلم من بيان ولا بعد قول رسولنا
الكريم من قول وكفى به وألزم. اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
ولفظ التوفي في
لغة العرب معناه الاستيفاء والقبض وذلك ثلاثة أنواع :
أحدها : توفي النوم ، والثاني : توفي الموت ، والثالث : توفي
الروح والبدن جميعا ، فإنه بذلك خرج عن حال أهل الأرض الذين يحتاجون إلى الأكل
والشرب واللباس ويخرج منهم الغائط والبول ، والمسيح عليه السلام توفاه الله وهو في
السماء الثانية إلى أن ينزل إلى الأرض ليست حاله كحالة أهل الأرض في الأكل والشرب
واللباس والنوم والغائط والبول ونحو ذلك([3])
فتوى أخرى لشيخ الإسلام رحمه الله
سئل - رحمه
الله تعالى - :
عن رجلين تنازعا في أمر نبي الله " عيسى ابن مريم
" - عليه السلام - فقال أحدهما : إن عيسى ابن مريم توفاه الله ثم رفعه إليه ؛
وقال الآخر : بل رفعه إليه حيا . فما الصواب في ذلك . وهل رفعه بجسده أو روحه أم
لا ؟ وما الدليل على هذا وهذا ؟ وما تفسير قوله تعالى { إني متوفيك ورافعك إلي } ؟
فأجاب :
الحمد لله ، عيسى عليه السلام حي وقد ثبت في الصحيح عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا وإماما
مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية } " وثبت في الصحيح عنه "
{ أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق وأنه يقتل الدجال } " . ومن فارقت
روحه جسده لم ينزل جسده من السماء وإذا أحيي فإنه يقوم من قبره . وأما قوله تعالى
{ إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا } فهذا دليل على أنه لم يعن بذلك
الموت ؛ إذ لو أراد بذلك الموت لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين ؛ فإن الله يقبض
أرواحهم ويعرج بها إلى السماء فعلم أن ليس في ذلك خاصية . وكذلك قوله : { ومطهرك
من الذين كفروا } ولو كان قد فارقت روحه جسده لكان بدنه في الأرض كبدن سائر
الأنبياء أو غيره من الأنبياء . وقد قال تعالى في الآية الأخرى : { وما قتلوه وما
صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع
الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه } فقوله هنا : { بل رفعه الله إليه } يبين
أنه رفع بدنه وروحه كما ثبت في الصحيح أنه ينزل بدنه وروحه ؛ إذ لو أريد موته لقال
: وما قتلوه وما صلبوه ؛ بل مات .
ولهذا قال من قال من العلماء : { إني متوفيك } أي قابضك
أي قابض روحك وبدنك يقال : توفيت الحساب واستوفيته ولفظ التوفي لا يقتضي نفسه توفي
الروح دون البدن ولا توفيهما جميعا إلا بقرينة منفصلة . وقد يراد به توفي النوم
كقوله تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها } وقوله : { وهو الذي يتوفاكم بالليل
ويعلم ما جرحتم بالنهار } وقوله : { حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا } وقد
ذكروا في صفة توفي المسيح ما هو مذكور في موضعه . والله تعالى أعلم .([4])
وقد اختصرنا الكلام في هذا المبحث ، وقول من يقول أنه
مات لا حجة لديه صحيحة
والأمر الثاني : وهو قضية الرفع إلى السماء
قال أبو الحسن الأشعري وأجمعت الأمة على أن الله رفع
عيسى إلى السماء([5])
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.